كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ عَلَى الدُّخُولِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ، وَإِنْ قَالَ إذَا إلَخْ)، وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي شَهْرًا بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَعَ مُؤَبَّدًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُؤَقَّتُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِالتَّأْقِيتِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَقَبِلَتْ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ قَبِلْت، أَوْ الْتَزَمْت وَلَيْسَ مِنْهُ قَوْلُهَا مَلِيحٌ، أَوْ حَسَنٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَوْرًا) وَقَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي كَذَا فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَوْرًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مَا لَوْ دَخَلَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجِهٌ) أَقَرَّهُ سم.
(قَوْلُهُ: لَابُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَقَدُّمِ الْقَبُولِ عَلَى الدُّخُولِ فَكَانَ الْأَوْلَى بَيْنَ الْقَبُولِ وَالدُّخُولِ (قَوْلُ الْمَتْنِ طَلَقَتْ إلَخْ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْخُلْعِ بِالْمُسَمَّى مَا لَوْ قَالَ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى مِائَةٍ وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ فَتَطْلُقُ إذَا أَعْطَتْهُ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلٍ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي عِبَارَةُ سم فِي الرَّوْضِ قَالَ لِحَامِلٍ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا انْتَهَى. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ لَمْ يُبَيِّنْ مَفْهُومَهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّوْضِ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهَا حَامِلًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْحَمْلُ بِعَلَامَاتٍ قَوِيَّةٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ بِهَا فَالْأَقْرَبُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلٍ أَيْ وَيَرُدُّ الْمِائَةَ لَهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَالًا) أَيْ فَلَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِهِ عَلَى الدُّخُولِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَتْهُ، وَلَمْ تَدْخُلْ إلَى أَنْ مَاتَتْ فَالْقِيَاسُ اسْتِرْدَادُ الْأَلْفِ مِنْهُ وَيَكُونُ تَرِكَةً وَأَنَّهُ يَفُوزُ بِالْفَوَائِدِ الْحَاصِلَةِ مِنْهُ لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهِ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ. اهـ. قُلْت الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ لَمْ يَدَّعِ هَذَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْمُصَنِّفَ.
(قَوْلُهُ: لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ) أَيْ فَيُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْعِوَضِ دُونَ الطَّلَاقِ لِقَبُولِهِ التَّعْلِيقَ وَإِذَا فَسَدَ الْعِوَضُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ. مُغْنِي.
(وَيَصِحُّ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ كَرِهَتْ الزَّوْجَةُ)؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ، وَالِالْتِزَامُ يَتَأَتَّى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ- تَعَالَى- سَمَّى الْخُلْعَ فِدَاءً كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ مَا يَعْلَمُهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ وَهَذَا كَالْحِكْمَةِ، وَإِلَّا فَلَوْ قَصَدَ بِنِدَّتِهَا مِنْهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا صَحَّ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَأْثَمُ فِيمَا يَظْهَرُ بَلْ لَوْ أَعْلَمَهَا بِذَلِكَ فَسَقَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ (وَهُوَ كَاخْتِلَاعِهَا لَفْظًا) أَيْ فِي أَلْفَاظِ الِالْتِزَامِ السَّابِقَةِ (وَحُكْمًا) فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءُ صِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ بِشَوْبِ تَعْلِيقٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبُولِ نَظَرًا لِشَوْبِ الْمُعَاوَضَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ نَظَرًا لِشَوْبِ التَّعْلِيقِ وَهْمٌ، وَمِنْ جَانِبِ الْأَجْنَبِيِّ ابْتِدَاءُ مُعَاوَضَةٍ بِشَوْبِ جَعَالَةٍ فَفِي طَلَّقْت امْرَأَتِي بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِك فَقَبِلَ وَطَلِّقْ امْرَأَتَك بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَهُ تَبِينُ بِالْمُسَمَّى وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ حُكْمًا نَحْوُ طَلِّقْهَا عَلَى ذَا الْمَغْصُوبِ، أَوْ الْخَمْرِ، أَوْ قِنِّ زَيْدٍ هَذَا فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِيهَا بِأَنَّ الْبُضْعَ وَقَعَ لَهَا فَلَزِمَهَا بَدَلُهُ بِخِلَافِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَالَعْتُهَا عَلَى مَا فِي كَفِّك فَقَبِلَ وَهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا فَخَالَعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ فَسَادَ الْعِوَضِ جَاءَ ثَمَّ مِنْ لَفْظِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: ذَا الْخَمْرِ مَثَلًا الْمُقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ عِوَضًا لِعَدَمِ حُصُولِ مُقَابِلٍ لَهُ.
وَهُنَا لَا فَسَادَ فِي لَفْظِهِ بَلْ هُوَ لَفْظُ مُعَاوَضَةٍ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي كَفِّهِ فِي الْخَارِجِ، وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْبَيْنُونَةِ وَلُزُومَ مَهْرِ الْمِثْلِ لَهُ عَمَلًا بِظَاهِرِ الصِّيغَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّهُمْ جَعَلُوا هَذَا مِنْ الْعِوَضِ الْمُقَدَّرِ لَا الْفَاسِدِ وَيَأْتِي آخِرَ التَّنْبِيهِ الْآتِي مَا يُصَرِّحُ بِهَذَا وَلَوْ خَالَعَ عَنْ زَوْجَتَيْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ صَحَّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ لِاتِّحَادِ الْبَاذِلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَعَا بِهِ وَيَحْرُمُ اخْتِلَاعُهُ فِي الْحَيْضِ بِخِلَافِ اخْتِلَاعِهَا كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَمِنْ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ قَوْلُ أُمِّهَا مَثَلًا خَالِعْهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّتِي فَيُجِيبُهَا فَيَقَعُ بَائِنًا بِمِثْلِ الْمُؤَخَّرِ فِي ذِمَّةِ السَّائِلَةِ كَمَا هُوَ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ مِثْلُ مُقَدَّرَةٌ فِي نَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تُنْوَ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ قَالَتْ، وَهُوَ كَذَا لَزِمَهَا مَا سَمَّتْهُ زَادَ، أَوْ نَقَصَ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ الْمُقَدَّرَةَ تَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ أَفْتَى أَبُو زُرْعَةَ وَأَفْتَى أَيْضًا فِي وَالِدِ زَوْجَةٍ خَالَعَ زَوْجَهَا عَلَى مُؤَجَّلِ صَدَاقِهَا، وَعَلَى دِرْهَمٍ فِي ذِمَّتِهِ فَأَجَابَهُ وَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا كَمَا هُوَ الْمُقَرَّرُ فِي خُلْعِ الْأَبِ بِصَدَاقِ بِنْتِهِ وَالدِّرْهَمُ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يُوقِعْ الزَّوْجُ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ فَقَطْ بَلْ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ مُنَجَّمِ صَدَاقِهَا، وَلَمْ يَحْصُلْ إلَّا بَعْضُ الْعِوَضِ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ بِمَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ حَتَّى يَجِبَ مَا يُقَابِلُ الْمَجْهُولَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ سُؤَالِهَا، وَلَا عَلَى أَبِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ بِمَجْهُولٍ لَهُ بَلْ بِمَعْلُومٍ لَهُمَا وَلَيْسَ لَهُ السُّؤَالُ بِهِ. اهـ. مُلَخَّصًا، وَهُوَ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي تِلْكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ حَمَلَ مُؤَخَّرَ الصَّدَاقِ فِي كَلَامِ الْأُمِّ ثَمَّ عَلَى تَقْدِيرِ مِثْلِهِ حَتَّى أَوْقَعَهُ بَائِنًا بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَحْمِلْ مُؤَجَّلَ الصَّدَاقِ هُنَا عَلَى ذَلِكَ لَكِنَّهُ أَشَارَ لِلْجَوَابِ بِأَنَّ الْأُمَّ لَمَّا قَالَتْ فِي ذِمَّتِي كَانَ قَرِينَةً ظَاهِرَةً عَلَى الْمِثْلِيَّةِ، وَالْأَبُ لَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ انْصَرَفَ لِعَيْنِ الصَّدَاقِ لَا لِمِثْلِهِ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ سَأَلَ زَوْجَ بِنْتِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى جَمِيعِ صَدَاقِهَا وَالْتَزَمَ بِهِ وَالِدُهَا فَطَلَّقَهَا وَاحْتَالَ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَهَا، وَهِيَ مَحْجُورَتُهُ بِأَنَّهُ خَلَعَ عَلَى نَظِيرِ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّةِ الْأَبِ بِدَلِيلِ الْحَوَالَةِ الْمَذْكُورَةِ نَعَمْ شَرْطُ صِحَّةِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ أَنْ يُحِيلَهُ الزَّوْجُ بِهِ لِبِنْتِهِ؛ إذْ لَابُدَّ فِيهَا مِنْ إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي نِصْفِ ذَلِكَ لِسُقُوطِ نِصْفِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ بِبَيْنُونَتِهَا مِنْهُ فَيَبْقَى لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ بِنَظِيرِ الْجَمِيعِ فِي ذِمَّتِهِ فَاسْتَحَقَّهُ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَحَقُّ عَلَى الزَّوْجِ النِّصْفُ لَا غَيْرُ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَسْأَلَهُ الْخُلْعَ بِنَظِيرِ النِّصْفِ الْبَاقِي لِمَحْجُورَتِهِ لِبَرَاءَتِهِ حِينَئِذٍ بِالْحَوَالَةِ عَنْ جَمِيعِ دَيْنِ الزَّوْجِ. اهـ. وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ الضَّمَانَ يَلْزَمُهُ بِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فَالِالْتِزَامُ الْمَذْكُورُ مِثْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ حَوَالَةٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالْقَرِينَةِ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ شَيْخِهِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَابُدَّ مَعَهَا مِنْ نِيَّةِ ذَلِكَ لَكِنْ الْأَوَّلُ أَوْجَهُ.
تَنْبِيهٌ:
أَفْهَمَ قَوْلُهُمْ لَفْظًا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ مِنْهُ مَعَ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ الْحُكْمِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ أَبْرَأَنِي فُلَانٌ مِنْ كَذَا لَهُ عَلَيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأهُ وَقَعَ بَائِنًا، وَهُوَ الْوَجْهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ، أَوْ لِأَنَّ الْمُبْرِئَ لَمَّا لَمْ يُخَاطِبْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي طَلَاقِهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ التَّعْلِيلَيْنِ فَاسِدٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ كُلَّ ذِي ذَوْقٍ يَفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعِوَضَ مِنْهُ كَهُوَ مِنْهَا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ قَائِلَهُ لَمْ يُحِطْ بِكَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ: خَالَعْتُ زَوْجَتِي عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَكَانَ غَائِبًا فَبَلَغَهُ فَقَبِلَ وَقَعَ بَائِنًا بِهِ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ كَسُؤَالِهِ لَهُ فِيهِ فَكَذَا إبْرَاؤُهُ كَسُؤَالِهِ وَلَا بِحَدِّ الْخُلْعِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي الرَّوْضَةِ فِي مَبْحَثِ نِكَاحِ الشِّغَارِ مَا حَاصِلُهُ مَعَ بَيَانِ الرَّاجِحِ مِنْهُ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ زَيْدٌ بِنْتَهُ، وَصَدَاقُ بِنْتِهِ بُضْعُ الْمُطَلَّقَةِ فَفَعَلَ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ بَائِنًا وَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى زَيْدٍ كَمَا أَنَّ لِبِنْتِهِ عَلَى زَوْجِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي بُطْلَانِ ذَيْنِك التَّعْلِيلَيْنِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَسْأَلْ وَلَا خَاطَبَ وَإِنَّمَا الْمُطَلِّقُ رَبَطَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِتَزْوِيجِ زَيْدٍ لَهُ فَبِتَزْوِيجِهِ لَهُ جُعِلَ مُخْتَارًا لِطَلَاقِهَا وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلِّقَ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا فِي مُقَابِلٍ يُسَلَّمُ لَهُ، وَهُوَ بُضْعُ الَّتِي تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فَعُلِمَ أَنَّ قَبُولَ الْعِوَضِ الَّذِي رَبَطَ الطَّلَاقَ بِهِ كَسُؤَالِ الزَّوْجِ بِهِ وَأَنَّ كُلَّ تَعْلِيقٍ لِلطَّلَاقِ تَضَمَّنَ مُقَابَلَةَ الْبُضْعِ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ رَاجِعٍ لِجِهَةِ الزَّوْجِ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ بَائِنًا ثُمَّ إنْ صَحَّ الْعِوَضُ فِيهِ، وَإِلَّا فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَا مَرَّ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا نَظَرًا لِلْمُعَاوَضَةِ، أَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ فَتَعْلِيقٌ فِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ هُنَا وَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ قَدْ يُعَلَّقُ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ جِهَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَلْيَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ أَشَارَ لِلْجَوَابِ بِأَنَّ الْأُمَّ لَمَّا قَالَتْ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى مَعْنَى الْمِثْلِيَّةِ وَتَقْدِيرُهَا مَشْرُوطٌ بِالْقَرِينَةِ قَبْلُ وَبِقَصْدِ الْمِثْلِيَّةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ الْآتِي فَلَا حَمْلَ عَلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَلِهَذَا قَيَّدَ فِي الْإِرْشَادِ الْبَيْنُونَةَ بِمَا إذَا خَالَعَ الْأَبُ عَلَى صَدَاقِهَا وَالْبَرَاءَةِ مِنْهُ بِمَا إذَا ضَمِنَهُ، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هَلَّا حَمَلَ عَلَى الْمِثْلِيَّةِ وَلَوْ بِدُونِ قَرِينَةٍ كَمَا فِي، أَوْصَيْتُ بِنَصِيبِ ابْنِي وَبِعْتُك بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا جَعَلَ قَوْلَهُ فِي ذِمَّتِهِ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ عَلَى مُؤَجَّلِ صَدَاقِهَا أَيْضًا فَيَكُونُ قَرِينَةً عَلَى تَقْدِيرِ الْمِثْلِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَالْتَزَمَ) أَيُّ حَاجَةٍ لِلِالْتِزَامِ مَعَ إرَادَةِ الْمِثْلِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَطَلَّقَهَا) فَقَدْ صَارَ الْعِوَضُ عَلَى الْوَالِدِ لِلزَّوْجِ وَالصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ لَهَا فَيَتَأَتَّى أَنْ يَحْتَالَ مِنْ نَفْسِهِ بِمَا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا لِلزَّوْجِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ الْحَوَالَةِ الْمَذْكُورَةِ) قَدْ يُقَالُ الْحَوَالَةُ الْمَذْكُورَةُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الْخُلْعِ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ قَبْلَ جَوَابِ الزَّوْجِ؛ إذْ لَمْ يَجِبْ حِينَئِذٍ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ حَتَّى تَتَأَتَّى الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَكُونُ قَرِينَةً وَيُجَابُ بِأَنَّهَا مَعَ تَأَخُّرِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا أَرَادَا الْمِثْلِيَّةَ، وَإِلَّا لَمْ يَرْتَكِبَا الْحَوَالَةَ.
(قَوْلُهُ فَالِالْتِزَامُ الْمَذْكُورِ مِثْلُهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ هُنَا نَظِيرُ الصَّدَاقِ بِقَرِينَةِ الْحَوَالَةِ فِيمَا سَيَأْتِي نَفْسُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَالِالْتِزَامُ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ خُلْعٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَا عَلَى نَظِيرِ صَدَاقِهَا.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ هُوَ ظَاهِرٌ وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: الْآتِي وَأَنَّ كُلَّ تَعْلِيقٍ لِلطَّلَاقِ إلَخْ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَانِي زَيْدٌ أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَاهُ فَيَقَعُ بَائِنًا بِالْأَلْفِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بِحَدِّ الْخُلْعِ) عَطْفٌ عَلَى بِكَلَامِهِمْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ بِلَفْظِ خُلْعٍ، أَوْ طَلَاقٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَهَذَا كَالْحِكْمَةِ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَحْمِلُهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ عَلَيْهِ أَيْ الْخُلْعِ مَا يَعْلَمُهُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ أَيْ سُوءِ الْمُعَاشَرَةِ وَعَدَمِ إقَامَةِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَصَرْفُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ لَيْسَ بِسَفَهٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَقَوْلُهُ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْفَرْضِ الَّذِي حَمَلَ الْأَجْنَبِيَّ عَلَى الْخُلْعِ كَالْحِكْمَةِ أَيْ فِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ لَا عِلَّةٌ لِجَوَازِهِ، وَإِلَّا لَامْتَنَعَ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الْفَرْضِ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ الزَّوْجِ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا نَظَرًا لِلْمُعَاوَضَةِ، أَوْ بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ فَتَعْلِيقٌ فِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَذْكُرْ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ هُنَا وَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ قَدْ يُعَلَّقُ عَلَى الْعِوَضِ مِنْ جِهَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. اهـ. ع ش.